الشيخ سيد النقشبندي .. إذا كان هو ده الحب يبقا أنا حبيت!
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ سيد النقشبندي
إذا كان هو ده الحب.. يبقا أنا حبيت!
اليومين دول واحد أخ صحفي قالب عليا الدنيا، بيدور عليّ في كل حتة علشان عايز يشوفني يعمل معايا حديث بمناسبة شهر رمضان، اتصل بي في بيتي في طنطا بس أنا مكنتش موجود، والظاهر إنه يعرف أخونا مدير "سينما أمير" في طنطا فوصاه يخليني أتصل بيه، ويعرف كمان صديق لينا طنطاوي موظف في سفارة الكويت برضه وصاه يتفق معايا على ميعاد، وكلم أخونا الأستاذ أحمد فراج علشان برضه يجمعنا في لقاء سوا، واتصل بي بالتليفون في بيوت اخواتي وأزواج بناتي في مصر، وفي الآخر قفشني على التليفون في ستوديوهات الإذاعة وأنا بسجل، واتفقنا على موعد أزوره فيه، وفي الحقيقة أنا ماكنتش باتهرب منه لكن أنا اليومين دول مشغول للغاية، وإن كان ده لا يمنع برضه إن أنا بخاف من الصحفيين وبأخشى أسئلتهم الخبيثة الماكرة المفاجئة التي لا تتيح للواحد فرصة التفكير الهادئ والتروّي قبل الرد عليها، وبالشكل ده بيوقعوا الواحد أحيانًا في الحرج.. هُم ناس ظُراف صحيح لكن ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم.
أذكر أخ صحفي شاب التقيت بيه مرة فقعد سألني شوية أسئلة عمري ما كان يخطر على بالي في يوم من الأيام اني هجاوب على أسئلة بالشكل ده.. مثلاً قال لي: "ما علاقتك وأنت رجل دين بألوان الفن المختلفة يا شيخ سيد؟"، قلت له: "والله يا أخي إن الدين لا يعترض على أي فن نظيف يشير إلى الفضيلة، وأنا أذهب إلى السينما كلما سمعت عن فيلم جديد، وقد شاهدث فيلم (خالد بن الوليد) وفيلم (الناصر صلاح الدين) عدة مرات، وشاهدت كل أفلام (محمد عبدالوهاب) بلا استثناء أكثر من مرة وأحفظ أدواره كلها"، فصديقنا الصحفى اتسعت عيناه من الدهشة وهو بيسألني: "بتحفظ أدواره اللي بيمثلها في السينما يا شيخ سيد؟".. فقلت له: "لا يا أخي أدواره بمعنى أغانيه وألحانه، وأتغنى بها في كثير من الأحيان، وأعشق كذلك غناء أم كلثوم؛ فهو لا يُثير في النفس إلا كل أحاسيس شريفة عفيفة، حتى في أغانيها العاطفية فهي لا تُغني "استناني تحت السلم في الضلمة يا حبيبى!!" ولا تقول "أنا لابسه ومتزوقة على الآخر وعاملة عمايلي وقاعدة باستناك جنب الشباك!!" ونار الشوق مولعة في جتة البعيدة، فصوت أم كلثوم وحسن اختيارها للمعاني والألفاظ التي تغنيها يُجبر المستمع على احترام الصوت وصاحبته".
لكن أخونا الصحفي رجع يسألني تاني: "وأخر فيلم دخلته ايه يا شيخ سيد؟"، قلت له: "والله يا أخي فيلم الزوجة التانية بتاع سعاد..." بصيت لقيته كأنه بيتربص لي، لأنه قال لي: "سعاد كده حاف يا شيخ سيد؟ هي بالنسبة لك علم مش محتاج إنك تذكر لقبها!!".. قلت له: "لأ يا أخي.. ماتستدرجنيش إلى الخطأ، وما تعملش معايا زي ما عملوا في التليفزيون لما استضافوني في برنامج (شريط تسجيل) وجاء ذكر مشاهدتي لهذا الفيلم فسألتني الأخت نجوى إبراهيم: "تحب تشوف أي لقطة في الفيلم يا شيخ سيد؟"، فطلبت منها المنظر الذي فيه تزور ضريح السيد البدوي بطنطا، لكننى فوجئت عند عرض شريط تسجيل بأن السيد المخرج -الله يسامحه ويغفر له- وضع لقطة أخرى فيها (سعاد حسني) وهي ترقص رقصة مثيرة.. فكان ذلك مطبًا وضعني فيه أمام جمهور المشاهدين الذين ظنوا أن رجل الدين حامل كتاب الله ولي عهد الطريقة النقشبندية في مصر يطلب مشاهدة سعاد حسني وهي ترقص.
هذا المقال من موقع عباقرة التلاوة
ولكن الصحفي عاد ليتجه بأسئلته وجهة أخرى، فسألني: "عندك بنات كبار يا شيخ سيد؟"، قلت له -وقد ظننته سؤال ويمر-: "أي نعم.. ثلاثة، اثنين متجوزين، والثالثة صبية تلميذة في الرابعة عشرة"، فسأل: "بيلبسوا ايه؟"، قلت له: "بيلبسوا ملابس طبعًا".. قال: "ما أنا عارف بيلبسوا ملابس طبعًا، قصدي أي نوع من الملابس؟"، قلت له -وقد أدركت ما يرمي إليه بسؤاله- "فهمت قصدك، هن يرتدين العادي جدًا، الشائع من الملابس الحديثة في الوقت نفسه، يعني على الركبة في حدود المعقول، لكن تلك الموضة التى تسمونها (الميني چيب) فهذه تقليعة لا مكان لها عندنا".
قال: "بيروحوا الكوافير؟".. قلت له: "أي نعم.. في المناسبات فقط".
قال: "بيلبسوا مايوهات على البلاچ؟"، قلت: "ولا يذهبن إلى المصيف على الإطلاق، وليس ذلك لأي سبب إلا أن الظروف لم تسمح بذلك، وإن كنت أنا نفسي إذا أتيحت لي فرصة لأقضي وقتًا على البلاچ -كما حدث في العام الماضي في رأس البر- فإنني أرتدي المايوه وأنزل البحر في الوقت والمكان الذي لا أرى فيهما النساء لابسات المايوهات ولا يرينني هن وأنا بالمايوه".
ولكن الصحفي كان مُصرًا على العودة إلى حديث البنات والموضوعات الشائكة التي أجد نفسي فيها مضطرًا إلى الإجابة، بصراحة: "ما رأيك في الحب؟"، قلت له: "الحب مع العفاف لا أراه حرامًا.. أقرّ الحب العفيف إذا كانت النوايا سليمة، وليس بقصد التسلية، فإذا كان هناك شاب وفتاة زميلين في دراسة أو جامعة أو في عمل وجمع الحب الشريف النظيف العفيف فلا أمانع في أن يخرجا معًا على ألا يحدث بينهما ما يمس الشرف ولا العفاف، ولا تتم بينهما خلوة في مكان مغلق".
عباقرة التلاوة www.3baqera.net
عاد يسألني: "يعني لو جاءت ابنتك الصبية وقالت لك أن هناك شابًا شقيق إحدى صديقاتها تعرفت عليه في بيت هذه الصديقة وأحبّا بعضهما، وهو يريد أن يتقدم لخطبتها، فكيف تتصرف معها؟"، قلت على الفور: "ألومها لومًا خفيفًا على أنها أخفت عني الأمر منذ بدايته، فأنا صديق لبناتي وأبنائي، ثم أبارك حبهما، وأوافق على زواجهما، فمن رأيي أن الزواج الذي يقوم على التفاهم والود يكون أنجح دائمًا".
وقفشها لي الصحفي الشاب الخبيث الذي سألني على الفور: "أفهم من كده إنك انت شخصيًا تزوجت عن حب؟"، قلت في سري (جازاك الله.. فقد أتعبتني من اللهث وراء أسئلتك المتلاحقة المحرجة)، ولكنني سلمت أمري إلى الله وقلت له: "ليس كذلك بمفهوم هذه الأيام، ولكنها كانت قريبتي، ابنة خالي وابنة عمتي في نفس الوقت، وكنت أراها كثيرًا، وأعجب بها كثيرًا، وأفكر فيها كثيرًا، وإذا بعدت عني أشتاق إليها كثيرًا، فإذا كان هذا هو الحب في اعتباركم يبقا أنا حبيت، قوم بئا كفاية عليك كده، أتعبتني منك لله"!.
بقلم الصحفي: حسين قدري
لمجلة الإذاعة والتليفزيون
بتاريخ 1968/10/20 م.
عباقرة التلاوة
دار التراث القرآني
التعليقات على الموضوع