Comments System

LightBlog

الشيخ محمد حسن النادي .. كان قارئا للسورة بالمسجد العباسي بالأسكندرية

بسم الله الرحمن الرحيم الشيخ محمد حسن النادي من عجائب الأقدار أن الشيخ زكريا قبل وفاته المفاجئة بأيام اصطحبني والشيخ محمد النادي إلى منزل المرحوم الأستاذ محمد الحفناوي، لزيارة أسرته الصديقة، وكان المتفق عليه بيننا أن نغادر المنزل بعد ساعة يرتل خلالها الشيخ النادي ما تيسر له من آي الذكر الحكيم بصوته الرخيم، ولكن اعجابه بترتيل الشيخ النادي أعاد لذاكرته بعض ما كان يحفظ من أساليب الترتيل التي اشتهر بها كبار القراء في العهود الماضية، فأخذ يشنف أسماع الحاضرين بترديد نماذج رائعة معجزة من تلك الأساليب؛ ثم انتقل من ذلك إلى تشنيف أسماعنا بمقتطفات من ألحان الفنانين العباقرة المعاصرين لأولئك القراء، موضحًا لنا كيف كان هؤلاء وهؤلاء يتبادلون أسرار الفن ويتباهى بها بعضهم عن بعض. وأخيرا أخذ يُسمعنا من ألحانه الحديثة والقديمة بأسلوبه الساحر الذي تفرد به، ويطلب من الشيخ محمد النادي أن يُسمعنا بصوته القوي العذب بعض الأغاني؛ فيجيبه إلى ذلك.. واستغرقتنا جميعًا نشوة عارمة من فرط الطرب، نسينا في غمرتها كل ما عداها ولم نشعر بمرور الوقت إلا حينما فوجئنا بطلوع النهار.. أي أن السهرة امتدت من حيث لا ندري أكثر من عشر ساعات، وما زلت أذكر -والأسى يملأ جوانحه- كيف كان الشيخ زكريا رحمه الله يستمع إلى غناء الشيخ النادي في تلك الليلة الخالدة والدمع يفيض من عينيه لفرط سروره واعجابه؛ ثم لا يتمالك نفسه فينهض ويندفع نحو الشيخ النادي ليحضنه ويقبله في حنان ومحبة وبالغ تقدير. عباقرة التلاوة www.3baqera.net وعندما غادرنا المنزل بعد ذلك قال لنا الشيخ زكريا إن هذه الليلة التي أمضيناها من ليالي العمر التي لا تُعوض، ويجب أن ننتهز كل فرصة لكي نستمتع بأمثالها إن شاء الله.. ولم يكن أحد منا في ذلك الحين يدور في خلده أنه لم تمضي أيام معدودة حتى يتدخل القدر ليضرب ضربته المفاجئة التي فرقت بيننا إلى أن نلتقي بين يدي الله. وقد ولد الشيخ محمد حسن النادي في بلدة بندف بالشرقية، وحفظ القرآن الكريم وهو في الثانية عشرة من عمره على يد الشيخ محمد متولي سامي، ولما بلغ الثامنة عشرة من عمره رحل إلى التلين بالشرقية حيث أمضى سنتين في تلقي علوم القراءات على يد الشيخ إبراهيم بكر، وبعد ذلك احترف ترتيل القرآن الكريم.. وذاع صيته في الشرقية وما جاورها، وفي بورسعيد ومدن القناة، ثم رحل إلى الإسكندرية سنة 1945 وعين قارئ للسورة بالمسجد العباسي بها، حيث مكث هناك خمس سنوات انتقل بعدها إلى القاهرة. حتى تقابل مع الشيخ زكريا أحمد الذي أخذ على عاتقه الإهتمام به، واستمر في تعهده له برعايته والارشاد وانتهاز كل فرصة للشهادة بموهبته وعبقريته واقتداره، إلى أن أصبح الشيخ النادي -بشهادة كبار الملحنين والموسيقيين- هو الأول -بلا منازع- بين ذوي الأصوات المعدودين في البلاد، وأصبح له جمهور كبير من المعجبين به سواء في ترتيل القرآن الكريم وإنشاد القصة النبوية والقصائد الدينية أم في غناء الأدوار والموشحات بمصاحبة الآلات الموسيقية، وكم كان سرور الشيخ زكريا عظيمًا وهو يتتبع تقدم تلميذه النابغة، ويرى الإقبال الشديد على سماعه يزداد يومًا بعد يوم. هذا المقال من موقع عباقرة التلاوة وقد عمل الشيخ محمد النادي بالإذاعة المصرية لمدة عشر سنوات، اشتهر خلالها اسمه، كما سجل بعض الأغاني الدينية، هذا فضلاً عن تسجيلات أخرى للقرآن الكريم سجلها بشركة أوديون، وقد توفاه الله وهو في ريعان شبابه أول يونيو 1961 بعد وفاة الشيخ زكريا أحمد بحوالي شهرين. من كتاب "شيخ الملحنين الشيخ زكريا أحمد" للمؤلف أمين فهمي.
عباقرة التلاوة دار التراث القرآني

ليست هناك تعليقات