الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي .. وما أندر الأصوات القوية في دولة المقرئين!
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة كفاح الفتى الريفي الصغير الذي هاجر من قريته شعشاع بالمنوفية إلى القاهرة عام ١٩١٥ ليقرأ القرآن فيها بصوت قوي جميل، قصة حافلة تستحق التسجيل، ومنذ ذلك العام ١٩١٥ والشيخ الشعشاعي وهو يصعد السلم درجة درجة، حتى بلغ في النهاية آخر درجات السلم وحوله هالة ضخمة من المجد، وفي يمينه ثروة طائلة عبارة عن عزبة في شعشاع وبيت في القاهرة، وآخر في القناطر الخيرية يستعمله الشيخ كمقر صيفي له.
بدأ الشيخ الشعشاعي مع أحمد ندا وعلي محمود ومحمد رفعت ومحمد الصيفي، وبدأ مثلهم بأجر خمسين قرشًا في الليلة الواحدة، وشَهِد خلال تاريخه الطويل أيامًا حافلة.. قرأ في مأتم عبدالخالق ثروت وعدلي يكن وسعد زغلول ومحمد محمود وأحمد ماهر ومحمود النقراشي، واشترك مع ثلاثة غيره في إحياء ليالي مأتم الملك فؤاد، وطار مِن مصر إلى العراق ليقرأ في مأتم الملكة الأم وبدعوة من الحكومة العراقية، واشترك مع الشيخ محمد رفعت في آخر ليلة للشيخ رفعت قبل أن يدهمه المرض الخطير الذي قضى عليه، وأتيحت له فرصة لم تُتَح لغيره مِن المقرئين؛ فقد أدى فريضة الحج منذ أعوام، وقرأ القرآن في صلاة الجمعة في الحرم النبوي، وكان المسجد النبوي يضيق بمئات الألوف مِن المصلين مِن كافة أنحاء العالم الإسلامي.. وكان على رأس الجميع الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود.
عباقرة التلاوة.. دار التراث القرآني
وقد أذاع الشيخ مِن جميع محطات الإذاعة العربية في العالم، وهو يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة -كل يوم جمعة- في مسجد السيدة زينب، وهناك كثيرون من المقرئين الجدد الذين يتعصبون للشيخ ويفضلون صوته على جميع الأصوات.
ويتقاضى الشيخ الشعشاعي خمسة وعشرين جنيهًا عن كل إذاعة، ومائة جنيه عن كل ليلة، وقد مضى عليه وقت وهو بعيد عن محطة الإذاعة المصرية.. لأن أحد موظفيها وجه إليه عبارة اعتبرها الشيخ إهانة له.
والشيخ الشعشاعي في الثانية والستين من عمره الآن، ولا يزال رغم كل هذه السنين الطويلة محتفظًا بصوته القويّ، وهو يستطيع حتى الآن -وبدون مكبر صوت- أن يقرأ في عدة آلاف من الناس ولساعات طويلة دون أن يحس إرهاقًا.
عباقرة التلاوة.. www.3baqera.net
وللشيخ الشعشاعي لون خاص في التلاوة، إذ لم يسبق لأحد من المقرئين أن قرأ بنفس الطريقة، كما أنه لم يظهر حتى الآن مَن حاول تقليد صوت الشيخ والسبب هو أن الطريقة التي يقرأ بها الشيخ تحتاج إلى صوتٍ قويٌّ فتيّ.. وما أندر الأصوات القوية في دولة المقرئين، ويعيش الشيخ الشعشاعي الآن سعيدًا هادئًا، وأحب الأصوات إليه صوت الشيخ محمد رفعت وصوت الشيخ علي محمود في التواشيح.
وأمنيته أن يقرأ مرة أخرى في الحرم النبوي وحوله مئات الألوف من أبناء العالم الإسلامي.
ـــ ألحان السماء.. أبريل 1959 م
عباقرة التلاوة.. دار التراث القرآني
التعليقات على الموضوع