الشيخ مصطفى اسماعيل يقول: لا أنكر أنني محظوظ!
الشيخ مصطفى اسماعيل يقول: لا أنكر أنني محظوظ!
آراء.. في: الموسيقى، والحب، والشياكة!
آراء.. في: الموسيقى، والحب، والشياكة!
غريبة أن يعتقد أحد دارسي علوم الدين بالحظ.. والأغرب.. أن يعتقد هذه الإعتقاد مقرئ للقرآن الكريم!.. ولكن هذا ما حدث فعلاً بالنسبة للشيخ مصطفى اسماعيل.. وقصته مع الحظ طويلة شائقة.. ينهيها الشيخ بقوله: الحظ .. ياعيني على الحظ، ما أنكرش آبدًا إني محظوظ؟ ولكن.. أين البداية؟
تصوير/ بدوي إبراهيم
مجلة الإذاعة والتليفزيون.. 16 ديسمبر 1967 م
من مكتبة شبكة عباقرة التلاوة.. دار التراث القرآني
«البداية.. في القاهرة»
وتبدأ (البداية) الحقيقية المثيرة للمقرئ الرسمي للجمهورية من القاهرة.. عندما (لم يُكدب الخبر) ويستقل القطار إلى مصر.. (.. نزلت على الحُسين دوغري وكان الإحتفال بمولد النبي من الحسين.. كل مقئ كان يقرأ ما تيسر.. ودفعني بعض معارفي للقراءة وكان الإحتفال مُذاع .. قرأت نص ساعة كاملة.. وكان تجلي ما بعده تجلي)
«لازم تيجي الإذاعة»
ورجع مصطفى اسماعيل من مصر وقلبه ملآن بالفرحة والعظمة.. فقد سمعه الآلاف من خلال تلك السهرة التي لم تكن على البال (وصلت طنطا من هنا.. والأستاذ محمد حسني مدير الإذاعة طلبني من هنا.. يا شيخ مصطفى لازم تيجي الإذاعة حالاً.. إحنا عايزينك والناس طالبة تسمعك.. حاضر)
«.. وتوعدنا سيدنا»
وإذا كان الحظ قد أدّى دوره في القاهرة.. فقد تولى نفس الدور في قرية (ميت غزال بالسنطة - الغربية).. ويقال أنه وُلد وأبواب السماء مفتوحة أمام دعاء والده عم اسماعيل المزارع.. الذي لم يبخل على أولاده بالتعليم في «كُتّاب» القرية.. رغم الأزمة الإقتصادية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى عام 1914.. التي وُلد فيها مصطفى الإبن الأكبر.. وتولى «سيدنا» تهذيب الولد الشقي وتحفيظه القرآن!
(ولا أنسى ما حييت آيام الكُتاب و«فلكة سيدنا».. التي كنت أذوقها يوميًا.. فقد كان يعتبرني دائمًا أشقى الأولاد.. لأنني أكبرهم.. وكان يعتقد أنني أُحرِضهم على الشقاوة.. ولذلك أخذت علقة محترمة بالفلكة لا أنساها آبدًا.. وكانت بسبب نزولنا الترعة يوم الخميس بنبلبط في المية من الحر.. وبلغ الخبر سيدنا!.. فتوعدنا، وحتى يوم السبت كنا نعيش جميعًا في قلق لعلمنا ما سيحدث لنا.. وكانت العلقة.. ونصيب الأسد لي طبعًا.. فأنا محظوظ!)
«15 قرش.. و 16 سنة»
ويقول الشيخ مصطفى اسماعيل أنه كان يستهويه دائمًا سماع القرآن من (الصييته).. و(جربت نفسي ففلحت.. وفرض علي جدي أن أجامل أهل القرية جميعًا.. فلا تمر مناسبة دون أن أقرأ فيها مجانًا.. وأول من أحترفت فيها تلاوة القرآن كانت سهرة لمدة ثلاث ليالِ أخذت فيها خمستاشر قرش.. أجر باهظ بالنسبة لي.. وكانت بداية الفتوح).. وسمعه أحد الأعيان وطلبه في سهرة ومنحه في آخرها 70 قرش.. (وضربت الرقم القياسي بهذا المبلغ وقتها.. ودلوقتي أخد نفس الرقم بس بالجنية.. والرزاق ربنا)
وواصل مصطفى الدراسة بالمعهد الأحمديّ.. وأثناءها إحترف تلاوة القرآن وكان سِنه 16 سنة.. (وفي كلمة أسهر قارئًا للقرآن.. كانت أمي تعطيني حجابًا جديدًا خوفًا من العين والحسد!)
«حاجز.. لنبوغه»
وخرج مصطفى من المعهد بعد الثانوية.. عملاً بنصيحة أساتذته.. فقد طلبوا منه التفرغ للتلاوة.. (.. فهي أفيد بكثير.. السنطة والقرية كلها أصبحت بالنسبة لي حاجزًا لنبوغي ولابد من إختراقه).. وكان ذلك عام 1934.. عندما سافر إلى مصر "القاهرة".. وخدمه الحظ مرة أخرى.. فهي أول ليلة يسهرها في مصر.. عند تاجر مشهور.. وكان أجره فيها 50 جنيهًا كاملة.. ما زال يتقاضها حتى الآن في كل سهرة لديه.
«اتعلمت الموسيقى سماعي»
والشيخ مصطفى اسماعيل - كما يقول - فنان بالفطرة.. (وتعلمت الموسيقى سماعي من أهل الفن أصدقائي بدون تدريس.. وعشان كدة تلاوتي مظبوطة.. وكفاية عليّ شهادة عملاقا الفن أم كلثوم وعبدالوهاب .. فكلما سمعت كلامهما عني بكيت تأثرًا)
«أنا أكره الملل»
(ما احبش اسمع حاجة سمعتها قبل كده.. أنا أكره الملل.. والتكرار يُمل مهما كان.. وأنا من عشاق التجديد)..
(كان يعجبني الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي فقد كان يقرأ رحمه الله بانضباط وتعقل.. والشيخ رفعت طبعًا.. والشيخ عبدالباسط.. والمنشاوي والبهتيمي.. والشيخ الحصري يقرأ مرتل كويس جدًا.. والمقرئين الآن ليسوا «صييته».. بل مقرئين فقط)..
(لالا.. الرسول بيقول «حسنوا القرآن بأصواتكم».. والقرآن الشرعي ما يُتلى بصوت حسِن وفن.. على شرط ألا يخرج عن التأدية الصحيحة للتلاوة)..
(لا مش كدة.. عندهم حق.. مصاحبة الموسيقى بآلاتها للقرآن طبعًا حرام وخطأ.. والمقصود تلحينه تلحينًا صامتًا).
«السيكا والصبا وقضية..»
ولا يترك الشيخ مصطفى الحديث غامضًا.. ويستطرد بقوله: (أنا بقرأ القرآن على هذه الطريقة.. أيوة على السيكا والبياتي والصبا والحُجاز.. لا مش عيب ومش حرام.. أنا هسمعك..).. وبعد تلاوة قصيرة عملية.. يضيف بأنه أثار هذه القضية في التليفزيون منذ عام وفي أكثر من برنامج و (.. تحديت أي عالم يرد عليّ.. وحتى الآن في إنتظار الرد)
«أشيك مُقرئ»
ويقال عن الشيخ مصطفى.. بأنه أشيك مُقرئ وله في ذلك رأي:
(أيوة القفطان الحرير والجبة البيضاء والساعة الذهب.. صحيح.. أصل حكاية الشياكة دي ذوق.. إيه رأيك في القفطان ده.. تصدق إن عمره 30 سنة.. والكاكوله دي صوف مُعتبر عمرها حوالي 25 سنة.. دي مسألة ذوق وإزاي تحافظ على حاجتك)
.. والشيخ مصطفى اسماعيل زار البلاد العربية كلها وأروربا.. (معظم أوروبا.. آه هي دي المشكلة.. لا أعرف غير بعض جُمل فرنسية تساعدني على الحياة.. وربنا بيسترها معايا)
«مسجد مُصغر.. في بيت فرنسية؟»
وكما لا ينسى الشيخ مصطفى «علقة سيدنا».. فإنه لا ينسى هذه الحكاية أيضًا.. عندما قابل في جامع باريس.. سيدة مسلمة فرنسية.. وطلبت منه زيارة بيتها للتبرك.. وعندما زارها فوجئ في بيتها بحجرة خاصة مكتوب عليها «بيت طاعة الله».. وبها قبلة ومنبر صغير (مسجد مُصغر وعندها عشر بنات وزوجها وكلهم يجيدون العربية.. وعصر كل يوم يحضر لديهم مدرس يلقنهم أصول دينهم.. ويوميًا يُصلون صلواتهم في المسجد ما أمكنهم)
«الحب.. لابد منه»
(.. الحب، دي مشاعر إنسانيّة لابد منها).. وفي حياة الشيخ مصطفى اسماعيل قصة حب مثيرة.. وغريبة.. ومن طرف واحد.. (أيوه وصلني جواب من 20 سنة أذكره حتى الآن.. من آنسة مُعجبة اسمها «فـ..» فيه أحلى الكلام عن الحب.. ولكنها لم تذكر غير اسمها الأول.. وقالت أنها يكفيها أنها باحت بما في قلبها من حب.. ولا تنوي أن تكتب لي مرة أخرى أو تتصل بي.. وكان ذلك فعلاً حتى الآن!)
«ثروة من التحف»
ويملك الشيخ مصطفى اسماعيل - كما يقول - ثروة من التحف لا تُقدر بمال.. ساعة ذهبية من مِهراجا هندي.. مجموعة سِبح ثمينة.. ومصاحف أثرية..
وأخيرًا يقول عن نفسه: (أنا استحق التقدير بعد الكفاح الطويل ده.. ليلتها لم أنم حتى الصباح.. بعد أن اُبلغت بنبأ تقدير الرئيس لي.. طبعًا أول مُقرئ يأخذ هذا الوسام.. وده أكبر تقدير من الدولة ومن الرئيس للقرآن وأهل القرآن)
.. بعد ذلك.. هل نصدق الشيخ مصطفى اسماعيل.. وهو يقول:
(الحظ.. ياعيني على الحظ.. ما أنكرش آبدًا إني محظوظ!)
حوار صحفي مع الشيخ مصطفى اسماعيل
مجلة الإذاعة والتليفزيون.. 16 ديسمبر 1967 م
شبكة عباقرة التلاوة.. دار التراث القرآني
التعليقات على الموضوع